بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

مقالات وآراء

صفقة ميسي لم تكن خاسرة..

رغم أن موسمه الأول مع النادي الباريسي كان أسوأ موسم له في مشواره الكروي من الناحية الفنية بتسجيله لـ 11 هدفاً فقط في 34 مباراة، وتتويجه بلقب الدوري المحلي فقط، إلا أن وصول ميسي لم يكن كذلك من الناحية المادية على الفريق الباريسي، الذي حقق أرباحاً لم يسبق لها مثيل في تاريخه على حد تعبير رئيس النادي ناصر الخليفي.

وكشفت الأمر هذا الأسبوع صحيفة ماركا الإسبانية، التي أشارت إلى أن صفقة انتقال ميسي من برشلونة إلى باريس سان جيرمان كلفت خسائر مادية وفنية كبيرة للفريق الكتالوني، مقابل أرباح خيالية للفريق الفرنسي، الذي تمكن من تجاوز هاجس قواعد اللعب المالي النظيف التي تلاحق الأندية الأوروبية الكبيرة، إذ بلغ رقم أعماله 700 مليون يورو، بعد أن حقق مداخيل فاقت 300 مليون يورو في أول موسم لميسي، وهو رقم لم يسبق له مثيل، ومرشح للزيادة أكثر في الموسم الثاني بعد تجديد عقد المهاجم كيليان مبابي.

عمليات بيع الأقمصة كانت أحد أهم مصادر الدخل للفريق الباريسي، حيث تجاوز عددها المليون، 60% منها تحمل رقم واسم ميسي، مع زيادة فاقت الأربعين بالمائة عن الموسم السابق، وهو نفس الأمر الذي حصل مع رونالدو منذ عودته إلى مانشستر يونايتد، مقابل تراجع كبير في بيع أقمصة برشلونة منذ رحيل ميسي، ما أدى إلى تراجع مداخيل الفريق من عمليات بيع التذاكر، ومداخيل الاشهار والإعلانات التي تراجعت بشكل كبير في برشلونة.

وتزايدت المداخيل في باريس بفضل عقود الإشهار الجديدة مع شركات ومؤسسات وماركات عالمية مشهورة، أنعشت خزينة النادي، وخففت من أعباء الإنفاق على تجديد عقد مبابي واستقدام ميسي وراموس وفينالدوم وحكيمي، وكل الاستثمارات الأخرى التي قام بها الفريق على مدى عقد من الزمن، قبل أن يبدأ في الاستفادة من عائدات استثماراته وتحقيق الأرباح المادية.


وشهدت حسابات النادي الباريسي في مواقع التواصل الاجتماعي بدورها ارتفاعاً كبيراً في عدد المتابعين والمعجبين، فاقت 15 مليون متابع إضافي، ليتجاوز عددهم 150 مليونا، من بينهم 60 مليونا على إنستغرام و20 مليونا على تيك توك، لتساهم بدورها في جلب المعلنين وزيادة المداخيل، وترقية اسم الفريق إلى مصاف كبار العالم رغم انتمائه إلى دوري أقل شأنا من الدوريات في إنكلترا وإسبانيا وإيطاليا، لكن وجود كبار النجوم كان له مردود مادي كبير رافقته تتويجات محلية قياسية في ظرف وجيز، ينقصها مدرب قادر على توظيفها والاستثمار فيها لتحقيق دوري الأبطال الأوروبي، ثم كأس العالم للأندية والارتقاء إلى مصاف الكبار، ومواكبة إنجازات المنتخب الفرنسي، حامل لقبي كأس العالم سنة 2018 ودوري الأمم الأوروبية السنة الماضية، وهو الأمر الذي سيحدث لا محالة رغم صعوبة المهمة أمام عمالقة الكرة الإنكليزية.

وبتجديد مبابي لموسمين اضافيين ووجود نيمار وميسي، ينتظر أن تتضاعف هذا الموسم مداخيل بيع التذاكر والأقمصة والإعلانات وعقود الإشهار أيضاً، لأن الأمر يتعلق بأفضل ثلاثة لاعبين في العالم من دون منازع، سيسعون للارتقاء بالمردود الفني إلى مستوى المردود المادي مع الموسم الجديد، رغم التسريبات التي تتحدث عن قرب رحيل البرازيلي نيمار لأسباب فنية بحتة، لكنها ستثري من دون شك خزينة النادي وتسمح بانتداب لاعبين جدد ومدرب جديد قد يكون كريستوف غالتييه، مدرب فريق نيس الذي يلقى إجماعاً في الأوساط الإدارية والفنية والجماهيرية بالنظر لما فعله مع سانت إيتيان على مدى ثمانية مواسم، ومع ليل الذي فاز معه بالدوري المحلي الموسم الماضي، وبعد سلسلة تجارب لم تكن موفقة مع مدربين أجانب أخفقوا في تحقيق دوري الأبطال الذي يبقى هاجساً يلاحق الباريسيين.

اسم المدرب ووزنه وعمله ستكون مهمة وفاصلة، لكن وجود ميسي ومبابي يبقى أقوى أسلحة باريس سان جرمان فنيا، وأكثر مردوداً من الناحية المادية، التي تبقى ذات أهمية قصوى في ظل استمرار إدارة النادي في سياسة استقطاب النجوم والحفاظ عليهم، لأنهم صاروا مصدر دخل كبير، يفوق بكثير الأموال التي دفعت من أجلهم، مثل ما هو الحال بالنسبة لميسي الذي يبيض ذهباً منذ قدومه في صفقة تجارية رابحة قلبت كل الموازين والمعايير، وفندت كل التحاليل والتوقعات التي كانت تتحدث عن صفقة خاسرة.

*عن العربي الجديد


اترك تعليقاً

إعلانات
زر الذهاب إلى الأعلى